تخطى إلى المحتوى
Home » المدونة » مرض تصلب الجلد – كيف يتحول الجلد إلى شمع؟ 

مرض تصلب الجلد – كيف يتحول الجلد إلى شمع؟ 

يتصلب جلد بعض الأشخاص ويتحول إلى ما يشبه الشمع؛ حتى يصعب عليهم ممارسة الأنشطة العادية دون الإحساس بالألم، كما أنهم قد يشعرون بصعوبة البلع في كثير من الأحيان. كل هذه الأعراض قد تنبئ عن مرض مناعي يصيب أنسجة الجلد وأجهزة الجسم الداخلية، وهو مرض تصلب الجلد (Scleroderma). 

كيف نميز أعراض هذا المرض وكيف نعالجه؟ تابع القراءة لمعرفة التفاصيل.

ماهو مرض تصلب الجلد؟ 

مرض تصلب الجلد هو مرض غير شائع الحدوث ضمن الأمراض المناعية الأخرى، وعادة ما يصيب النساء في منتصف العمر. تتعدد أعراض هذا المرض ما بين أعراض خارجية تظهر على الجلد، وأخرى داخلية قد تصيب أعضاء الجسم المختلفة، إلا أن تلك التي تصيب الجلد هي الأكثر حدوثاً وأسهل في التعرف عليها من قبل الطبيب. 

عادة ما يظهر مرض تصلب الجلد لدى الأشخاص في العائلات التي ينتشر بها بعض الأمراض المناعية الأخرى، مثل الذئبة الحمراء والروماتيزم؛ وهو ما قد يضع احتمالية وجود رابط جيني متوارث لهذا المرض رغم ندرة حدوثه. 

مرض تصلب الجلد

وما يفسر وجود ترابط بين هذا المرض والأمراض المناعية الأخرى هو ارتفاع نسبة الأجسام المضادة للنواة (ANA Anti Nucleur Antibodies) في الدم لدى حوالي 95% من المصابين.

تتراوح أعراض المرض من خفيفة إلى متوسطة الشدة، وقد تؤدي إلى حالات طارئة في بعض الأحيان، وفي أوقات أخرى قد تقل الأعراض حتى تختفي في الحالات الخفيفة.

لماذا يحدث تصلب الجلد؟

يهاجم الجهاز المناعي النسيج الضام الموجود في الجلد والذي يتواجد في الأعضاء وأجهزة الجسم الداخلية، مما يؤدي فيما بعد إلى انكسار الألياف الطبيعية في هذه الأنسجة واستبدالها بأنسجة ليفية سميكة تؤدي إلى ما يشبه الندبات (نسيج ندبي Scar Tissue).

بالإضافة لذلك، يتفاقم عمل بعض الخلايا المسئولة عن إنتاج الكولاجين، وهو ما يجعل الأنسجة أكثر سمكاً وانكماشاً من ذي قبل. 

وكعادة النسيج الندبي أو الذي استبدل بالنسيج الطبيعي للجلد والأعضاء الداخلية، فهو لا يماثل النسيج العادي في وظيفته، وينكمش بسهولة بدرجات متفاوتة أكثر من النسيج الضام الطبيعي؛ مما يؤدي إلى ظهور الأعراض الشهيرة لهذا المرض.

أعراض مرض تصلب الجلد

أعراض مرض تصلب الجلد كثيرة ومتنوعة، ولكنها تخضع لنوع تصلب الجلد الذي قد يصاب به المريض، إليك أشهر الأعراض التي تصيب الجسم. 

الجلد (Skin)

اشتداد وصلابة الجلد الناتج عن النسيج الندبي والذي قد يسبقه انتفاخ في العين في حالات كثيرة كأول عرض يظهر لدى المصابين. يشعر المريض في بداية الأمر بالألم في الأطراف (أصابع اليد Sclerodactyly) نتيجة اشتداد الجلد ثم تمتد الأعراض ناحية الجسد. 

قد يظهر اشتداد الجلد في الوجه أيضاً أو قد يصاحبه ظهور تصبغات في الجلد أو الشعور بالحكة في الصدر. كما أن الجلد يشبه الشمع نتيجة هذه التغيرات، وتشتهر الأعراض بكونها تشبه عملية التشمع. 

قد يصاحب هذه الأعراض ظهور بقع حمراء نتيجة تمدد الأوعية الدموية الصغيرة، ونقاط تكلس صغيرة نتيجة تراكم الكالسيوم.

الأوعية الدموية (Vascular)

يتضمن تأثر الأوعية الدموية ظاهرة رينود (Raynaud’s Phenomenon) والتي تحدث نتيجة الانقباض المفرط الأوعية الدموية الصغيرة الموجودة في أصابع اليد. وقد تحدث هذه الظاهرة لأسباب أخرى غير مرتبطة بأمراض معينة؛ مثل الاضطراب العاطفي أو البرد الشديد. 

قد تبدأ أعراض تصلب الجلد بهذه الظاهرة لدى حوالي 70% من الحالات، كما أن حوالي 95% من المصابين يمرون بهذه الظاهرة في مرحلة ما من مراحل المرض. 

قد تحدث أيضاً تقرحات أطراف الأصابع أو في أماكن أخرى تصل في حالات نادرة إلى مرحلة خطرة قد تطلب بتر الطرف المصاب. 

الجهاز الهضمي (Gastrointestinal)

قد يصل تغلغل النسيج الندبي إلى النسيج الضام الموجود في جدار الجهاز الهضمي؛ مما يؤدي لخلخلة الحركة الطبيعية للبلعوم والمريء والأمعاء، خاصة صمام المرئ (المصرة المريئية السفلى). ويحدث نتيجة ذلك صعوبة في بلع الطعام وارتجاع الحموضة للمرئ وصعوبة في هضم الطعام والإسهال وكثير من أعراض الجهاز الهضمي الأخرى. 

الجهاز التنفسي (Respiratory)

يحدث في الجهاز التنفسي صعوبة في تمدد القفص الصدري نتيجة اشتداد وتصلب الجلد، كما أن الشريان الرئوي قد يمر بالتغيرات التي تحدث بالأوعية الدموية، والتي تؤدي فيما بعد إلى فرط ضغط الدم الرئوي (Pulmonary Hypertension) (20% – 30%). بالإضافة لذلك، تحدث في الرئة تغيرات تشبه تلك التي تحدث في داء الرئة الخلالي (Interstitial Lung Disease) نتيجة التليف الذي يحدث باستمرار.

الجهاز العضلي العظمي (Musculoskeletal)

ينتج عنه آلام في العضلات والمفاصل، وانتقاص في مدى حركة المفاصل نتيجة اشتداد الجلد، خاصة في الأصابع، ومتلازمة النفق الرسغي.

القلب والكليتان (Kidney and Heart)

قد يحدث تليف في نسيج القلب والكليتين؛ ويؤدي ذلك لتغير في وظيفة هذه الأعضاء وتأثرها سلباً إلى حد الفشل في الحالات المتأخرة جداً؛ لأن النسيج الليفي الذي استبدل بالنسيج الطبيعي للقلب والرئة والكليتين لا يؤدي نفس الوظيفة بشكل طبيعي.

العينان والأذنان والأنف والحلق (Eyes, Ears, Nose, Throat)

قد تتأثر الأسنان والفم نتيجة ارتجاع المرئ وضعف الأنسجة الموجودة في الفم. كما أن بعض المرضى قد يتعرضون لمتلازمة الجفاف (Sicca Syndrome)، والتي تتضمن جفاف الفم والعينين.  

أنواع مرض تصلب الجلد

يوجد نوعان رئيسيان لتصلب الجلد: تصلب الجلد المحدود وتصلب الجلد المنتشر أو المجموعي. ويعتمد هذا التقسيم على مدى انتشار الأعراض إذا كانت محدودة للجلد فقط أم تتضمن الأعضاء الداخلية: 

تصلب الجلد المحدود (Localized Scleroderma)

وهو النوع الأخف من تصلب الجلد والذي يسهل التعامل معه بالأدوية، ويتضمن إصابة الجلد فقط دون الأعضاء الداخلية. ينتشر هذا النوع بين الأطفال لكنه قد يصيب جميع الأعمار. يوجد شكلين للإصابة بتصلب الجلد في هذا النوع: 

  • القشيعة (Morphea): بقع بيضاوية باهتة اللون تصيب أجزاء مختلفة من الجسم وتثير الشعور بالحكة. قد تؤدي لتساقط الشعر، ولكن من الممكن أن تختفي تلقائياً خلال سنوات دون علاج. 
  • تصلب الجلد الخطي (Linea): يحدث اشتداد الجلد في خطوط في الوجه أو فروة الرأس أو الأطراف، وقد تمتد الإصابة للعضلات أو العظام. قد تؤدي هذه الإصابة إلى قصر الأطراف فيما بعد إذا لم تُعالج جيداً. 

تصلب الجلد المنتشر أو المجموعي (Diffuse or Systemic Sclerosis)

يتضمن هذا النوع إصابة الجلد بالإضافة إلى امتداد الإصابة لبعض أعضاء الجسم الداخلية، وتتراوح شدة النوع حسب مدى الفقدان الوظيفي الذي يصيب هذه الأعضاء. 

  • تصلب الجلد المجموعي المنحصر للجلد (Limited Cutaneous Systemic Sclerosis): يتضمن إصابة الأطراف وقد يبدأ بظاهرة رينود ثم تتطور الأعراض حتى تصيب المريء أحياناً. ورغم أن الأعراض تتطور مع الوقت، إلا أنه أخف من الأنواع الأخرى. 
  • تصلب الجلد المنتشر المجموعي (Diffuse Systemic Sclerosis): يتضمن إصابة مساحات واسعة من الجلد بالإضافة إلى أعضاء الجسم الداخلية، كما أن المريض قد يشعر بالإرهاق وفقدان الوزن في مرحلة تفشي الأعراض. تظهر الأعراض سريعاً وتبدو سيئة إلا أنها تنحسر مع الوقت وتتحسن نوعا ما. 

علاج مرض تصلب الجلد

لا يوجد علاج يستهدف الشفاء التام من مرض تصلب الجلد، وأغلب العلاجات تستهدف تخفيف الأعراض وتحسين الحالة الوظيفية للأعضاء وتسهيل ممارسة الأنشطة الاعتيادية: 

  1. العلاجات التي تستهدف إصابات الجلد: أشهر الأدوية التي تخفف أعراض تصلب الجلد تتضمن المرطبات لمنع الجفاف، والنيتروجلسرين لتحسين الإمداد الدموي للأطراف.  
  1. علاجات الجهاز الهضمي: أغلب أدوية الجهاز الهضمي التي توصف لمرضى تصلب الجلد تستهدف تخفيف أعراض ارتجاع المرئ؛ مثل مضادات الحموضة (Antacids) ومثبطات مضخة البروتون (Proton Pump Inhibitors) أو حاصرات مستقبل الهستامين 2 (H2 Receptor Blockers).
  1. علاجات مشاكل الرئة: تستهدف الأدوية تخفيف عملية التليف التي قد تحدث للرئة، لذلك عادة ما توصف الأدوية الكيميائية مثل السيكلوفوسفاميد (Cyclophosphamide) والذي أثبت فاعلية كبيرة لعلاج المرضى المصابين بداء الرئة الخلالي كجزء من أعراض مرض تصلب الجلد. كما توصف أدوية البروستاجلاندين (إيبوبروستينول Epoprostenol) للتخفيف من أعراض ارتفاع ضغط الدم الرئوي. 
  1. علاجات أعراض المفاصل: عادة ما يصف الأطباء مضادات الالتهابات للتخفيف من أعراض آلام المفاصل. 
  1. ظاهرة رينود (Raynaud’s phenomenon): يصف الأطباء حاصرات قنوات الكالسيوم (Calcium Channel Blockers) والنيتروجلسرين أو السيلدينافيل (Sildenafil) لمنع انقباض الأوعية الدموية المفرط في أطراف الأصابع.
  1. جفاف العين والفم: يمكن أن يصف الطبيب دموع اصطناعية للتخفيف من أعراض جفاف العين أو السيكلوسبورين للتخفيف من تدمير المناعة لخلايا الغدد الدمعية والغدد اللعابية.

الملخص

مرض تصلب الجلد، رغم عدم شيوعه بين البشر، إلا أن أعراضه متفاوتة الخطورة قد تعجز الأفراد من ممارسة الحياة الطبيعية، فهو لا يقتصر على لجلد فقط، بل قد يمتد إلى أعضاء الجسم الداخلية. يتضمن العلاج الرئيسي لهذا المرض استهداف تخفيف الأعراض؛ حيث لا يزال استهداف الشفاء التام قيد البحث والتجربة. 

المراجع 

1 | 2 | 3 | 4 | 5 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *